تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
112683 مشاهدة print word pdf
line-top
كلمة التوحيد ميراث أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم

<مسألة نوع=أصولية> ...............................................................................


يقول بعد ذلك: وهي الكلمة التي جعلها إبراهيم -عليه السلام - كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
أي: هذه الكلمة.. هي التي جعلها باقية في عقبه، قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ هذا معنى لا إله إلا الله: إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ فتبرأ من كل ما يعبدون من الآلهة، واستثنى ربه الذي فطره، فاستثنى من معبوداتهم إلها واحدا وهو الله، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي، فمن كان كذلك فقد حقق معنى لا إله إلا الله: البراءة من كل المعبودات إلا الفاطر الذي هو خالق الخلق؛ وهو الله تعالى.
فالإنسان إذا أراد أن يحقق التوحيد يقول: إنني براء من كل ما عُبِدَ من دون الله، ولا أَتَوَلَّى، ولا أعبد إلا الله.
وهكذا أيضا سمى الله -تعالى- هذه كلمة باقية في عقبه، أوصى بها عَقِبَه، يعني: أولاده، قال الله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يعني: أسلمت أمري لله وحده، يعني: تبرأت من غيره، واستسلمت لأمره، وفوضت أمري إليه، وألجأت ظهري إليه؛ فهو إلهي وحده، لا إله لي غيره أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ثم قال تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ يوصي بنيه بأن يتمسكوا بكلمة لا إله إلا الله، يوصيهم بالاستسلام لله وحده، وترك العبادة لغيره، وترك الالتفات إلى سواه من أية مألوه، ومن أية معبود؛ بل يجعل المسلمُ أمره لله وحده، فإذا كان كذلك فإنه ممن تمسك بكلمة لا إله إلا الله، وقد جاء مثل هذه الآية؛ إذ قال الله -تعالى- عن إبراهيم إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ؛ فاستثنى من معبوداتهم ربه، وهذا دليل على أنهم يعبدون الله، ويعبدون آلهة أخرى معه، وأنهم في عبادتهم اعتمدوا على أن هذا فعل آبائهم. آباؤهم: هم الذين اقتدوا بهم في ذلك؛ كما قال تعالى: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ .
فهكذا حكى الله عن إبراهيم أنه تبرأ من معبوداتهم: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ هذا معنى لا إله إلا الله: أن تتبرأ من كل المعبودات؛ إلا الرب الإله الحق الذي هو رب العالمين الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ وصف ربه بهذه الصفات؛ حتى يقتنعوا؛ ولكنهم لم يقتنعوا. وحسبك ما حكى الله عن إبراهيم وحسبك أن تكون من أتباعه؛ مع أنه قد خاف عبادة غير الله على نفسه، وعلى ذريته، فقال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ؛ هذا خوفه على نفسه وعلى أبنائه وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ يدعو ربه.
وقد حكى الله -تعالى- عنه أنه حَطَّمَ أصنامهم؛ لما أنه سألهم: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ وجدنا آباءنا يعبدونها، فسألهم ماذا تفيدكم؟! فلما أخبروه بأنهم مقتدون بآبائهم، توعدهم بأنه سَيُحَطِّمُهَا، ثم قال: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فلما جاء عيد لهم، يوم عيد يخرجون فيه، تَعَلَّلَ وقال: إِنِّي سَقِيمٌ إني لا أستطيع أن أخرج معكم، فلما خرجوا كلهم.. رَاغَ إلى آلهتهم، وإذا هم قد جعلوا عندها طعاما عند كل صنم، فقال: أَلَا تَأْكُلُونَ يخاطب الأصنام: ما لكم؟! لماذا لا تأكلون من هذا الطعام؟! مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فعند ذلك.. راغ عليهم ضربا باليمين، وحطم تلك الأصنام: فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ حطم الأصنام إلا أكبرها، وعلق الفأس في الكبير، فلما جاءوا وإذا هي قد حطمت، وأصبحت جذاذًا، قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ سموها آلهتهم! قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فأتوا به، قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ اسألوهم! قولوا لهم: من الذي حطمكم؟! فقالوا: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ عند ذلك قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ .
فإبراهيم -عليه السلام- حَطَّمَ هذه الآلهة؛ ومع ذلك خاف من العبادة أن يعبدها هو وأولاده! قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ .
فإذا كان هذا فِعْلُ إبراهيم أنه يخاف على نفسه، فنحن أَوْلَى بأن نخاف على أنفسنا، أن نقع فيما وقع فيه أولئك الْعُبَّادُ ونحوهم. وبكل حال.. فإن هذا دليل على أهمية هذه الكلمة؛ حيث إن إبراهيم جعلها باقية في عقبه؛ لعلهم يرجعون إلى الله. وعَقِبُهُ -يعني- أولاده من بعده.

line-bottom